يا نبراس السماء، ما طال سناك سنى!
يوم القيامــة تقصيـــــه ويقتـــرب
غدا تمـــوت وهــذه الأرض تنقلــب
هل أنت في غفلة أنستك من سلفوا
فلا ثـــــــراءٌ ولا جــــاهٌ ولا نســــب
لتسألن غــدا عن كــــل خافيــــــة
فينطق القلــب بالحـق الـــذي يجــب
وتنطق الروح عن مكنون باطنها
وما بأحشــائهـا الأرحـــام تحتجـــب
والعين ما نظرت والأذن ما سمعت
وما سعـت قــدم أو ما جثـــت ركـب
وتستغيث الليالي وهي شاخصــة
أبصارهــا حينما الأكوان تضطــرب
فلا الجبال التـــــي كنـّا نعظّمهــا
ترسو ولا البحر يغفو تحته الغضب
فإنها ساعة الجبار لا هـــــــدأت
ولا أقامت إذا ما انزاحت الحجـــــب
* * *
يا هالة النــور هل لي منكَ مقتـــرب
إني من الشوق يا مــــولاي ألتهــب
قــد طالما شدّ في المسعى إليك دمي
لكــن يباطـــــؤ عــــن أتيانــك الأدب
إن جــاء غيري بطرف العيــن منتحبا
فكل عضو بجسمي فيـــك ينتحـــــب
أدري بأن الثـــرى كفـــاك تجعلــــه
تبرا إذا شئت أن يستغـفــر الذهـــب
أدري بأن انفـــلاق الصبح تدركه
عيناك حتـّـى ذيول الليـــــل تنسحب
أدري بأنّي وإن مارست قافيـــة
فأنت للشعــر إلهــــــام ومنقلـــــــب
وأنت يا سيـــدي صوت لكل فم
حـــرٍّ تنـــــادي به الأيـــــــام والحقب
جذلانـــة في رُبـــا إشراقك الرتب
مـــزدانـــة من سنـــا أنوارك الشهــب
مغلــولة يدهـــا من بأسك النــــوب
مبسوطــة يدهــــا من سيبـــك السحب
وهذه رحلـــة الإســـراء شاهدة
تسمو على الريب ما اشتطت بها الريب
لا غفـــوة خطـــرت لا ميلــة عبرت
لا أمــــة سكـــرت يا أيهــــــا العــــرب
وتستحيــل الأناشيد التي صدحت
بهــا الحناجــر عرسا زانــه العجــــب
تبقى لكــل المنى والحب منتسبا
يرقــى لها مرتجانــــا حيــن ينتســــب